لِمَ أكتب بالعربية؟ ولِمَ لا أكتب بالعربية وأنا عربي؟ هو سؤال بسيطٌ، ولكنه يطلب التوضيح.

أنا علي، شاب عربيٌ مسلمٌ ِمن مِصر. درست علوم الحاسوب في الولايات المتحدة الأمريكية، وأعمل مهندساً ومطورَ برامج، وللَّه الحمد. فتح لي هذا العلم طريق رزق، وعمل ممتع، وتجارب قيمة، ومعارف مُشرِّفة.

خطر لي مؤخراً أن من أسباب توفيقي في العمل إتقاني للإنجليزية، وقد تعلمتها منذ الصغر، ودرست بها في جميع مراحل تعليمي، اكتب وأخاطب وأعمل بها يومياً. الإنجليزية حقاً لغة العصر ولغة علوم الحاسوب خاصةً. وقفت يوماً لأطرح على نفسي سؤالًا: ماذا سيكون وضعي اليوم لو لم أكن متقنًا للغة الإنجليزية؟ وماذا عن شباب العرب المثقفين مثلي؟ هل تعوق هذه اللغة سعيهم نحو الحصول على المعرفة وتحقيق النجاح في هندسة الحاسوب؟

الإنترنت يتحدث الإنجليزية

لا شك أيها القارئ الكريم أنك تعلم جواب هذه الأسئلة، فنظام تشغيل حاسوبك إنجليزي، ولوحة مفاتيحه إنجليزية، حتى رابط هذا الموقع (ali.dowair.com) إنجليزي، فلولا علمك باللغة الإنجليزية لما استطعت الوصول إلى هذه القطرة من بحر الإنترنت. ما بالك لو أردتَ امتهان تصميم الحاسوب وتطبيق برامجه؟

لإثبات النظرية، دعنا ننظر إلى إحصائيات استخدام الإنترنت، فنرى أن العرب يشكلون ما يقرب ٥٪ من مستخدميه، ومع ذلك نرى أن المحتوى العربي لا يبلغ ١٪ من محتواه، وأن المحتوى الإنجليزي يتجاوز نصفه، ما يثبت حقاً أن الإنجليزية هي لغة الإنترنت.

ونحن نتحدث العربية

علماً أن ركيزة علوم الحاسوب توجد في الإنترنت وباللغة الإنجليزية، نجد عائقاً في طريق نشر علوم الحاسوب في العالم العربي وهو حاجز اللغة. يستنتج البعض إذاً أنه لا بد من تعلم الإنجليزية لتعلم علوم الحاسوب. أقول لا بأس، فلا حرج في تَعَلم اللغة، ذلك علمٌ في ذاته ومطلبٌ شريف. لكن ما يُؤسَف عليه في تلك المعادلة هو ما نتركه من لغتنا وهويتنا طمعاً في اكتساب ما هو أجنبي. لن أتعمق في شرح هذه الفكرة فهي أعمق من تفكيري البسيط، ولكن المراد هنا أن المفاضلة بين التمسك بلغتنا الأم والتقدم العلمي مفاضلة غير عادلة. يكفي برهاناً ما استنتجه الباحث عبدالله أشرف حمد فيما يتعلق بلغة التدريس في التعليم الطبي، الملخص في الصورة الآتية:

لغة التدريس في التعليم الطبي

نرى من الصورة أن كافة الكليات الطبية، ما عدا الكليات الإفريقية والعربية والهندية، تُدَرِّس الطب البشري بلغة شعبها الأم، سواءً كانت الصينية أو الروسية أو السويدية، رغم تعقيد ذلك العلم وكثرة مفرداته. لِمَ لا نتعلم الطب بالعربية؟ لِمَ لا نتعلم علوم الحاسوب بالعربية؟ أعتقد أن هناك مجالاً للتطور.

إذاً…؟

وصلنا أيها الكرام إلى المراد من هذه المدونة وهو رفض تلك المعادلة. هدفي من الكتابة عن علوم الحاسوب بالعربية جعل تلك العلوم سهلة المنال، لعل ذلك يشجع أحدهم على دراستها، ويشجع آخر على الاعتزاز بلغته الأم، فهي تَسِع كل العلوم وكل المواضيع، وتستحق المزيد من التقدير.


إذا أعجبك ما قرأت، أو إن كان لديك أية تعليقات، فأرحب بتواصلك معي على منصة لينكد إن. دمتم سالمين.